لبنان والاستعراض الدوري الشامل
تقرير مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب للدورة الثانية
للاستعراض الدوري الشامل حول لبنان
تعريف بالمركز:
تأسس مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب في حزيران 1999 علم وخبر 143 وسمي مركز الخيام نسبة الى معتقل الخيام في جنوب لبنان الذي اقفل في 23 أيار العام 2000.
مركز الخيام هو منظمة غير حكومية يعمل لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب والدفاع عن حقوق الانسان، وهو عضو معتمد في المجلس العالمي للتأهيل IRCT، وعضو في الشبكة العالمية ضد التعذيب SOS في جنيف، وعضو في شبكة أمان للتأهيل والدفاع عن حقوق الانسان ، وحصل على الصفة الاستشارية في الامم المتحدة في صيف العام 2010.
ملخص المساهمة:
يتمحور تقرير مركز الخيام حول توصيات مناهضة التعذيب التي وافق عليها لبنان في آذار 2011 امام دورة الاستعراض الدوري الشامل وتقرير CAT وتوصياتها للحكومة اللبنانية في العام 2014 وآثار النزوح السوري والعراقي وقضية السجون والمخفيين قسرا.
الفراغ السياسي والحرب الارهابية:
انعكست الحرب الدائرة في سوريا على الاوضاع اللبنانية من كافة النواحي، سيارات مفخخة، عمليات ارهابية، نزوح سوري بات بشكل 25% من عدد سكان لبنان، انقسام سياسي وطائفي خطير، شلل مؤسسات الدولة، فراغ في رئاسة الجمهورية وتعذر انتخاب رئيس، تجديد ثان للمجلس النيابي ومصادرة اهم حق للمواطن اللبناني في انتخاب ممثليه، احداث امنية متنقله في صيدا وطرابلس والبقاع، وتوقيف المئات بتهمة الانتهماء الى المجموعات الارهابية، اختطاف 26 عسكريا من الجيش اللبناني على ايدي داعش والنصرة بتاريخ 2 آب 2014، ارتفاع معدلات البطالة 20%، فضائح على الصعيد الصحي والغذائي والبيئي واستشراء الفساد في كل مؤسسات الدولة. ارتفاع جرائم القتل والعنف الاسرى و 33 تفجير ارهابي في العام 2014 ذهب ضحيتها 118 شهيدا و2486 جريحا.
توصيات الاستعراض الدوري:
في العام 2010 تعهد لبنان امام مجلس حقوق الانسان في جنيف بتنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل وعددها 41 توصية نذكر منها: تجريم جميع انواع التعذيب، وتعديل التشريعات ذات الصلة لمواءمة تعريف التعذيب في القوانين المحلية وانشاء الالية الوقائية الوطنية لمنع التعذيب وانشاء هيئة وطنية مستقلة مخولة التحقيق في مصير الاشخاص المفقودين وتقديم التقارير المتأخرة.
توصيات لجنة مناهضة التعذيب:
وفي السابع من تشرين الاول 2014 اصدرت لجنة مناهصة التعذيب تقريرها الملخص عن واقع التعذيب في لبنان بعد زيارة تحقيق قامت بها بين العامي 2012 و 2013، وقد خلصت اللجنة الى ان التعذيب " ممارسة متفشية في لبنان تلجأ اليها القوات المسلحة والاجهزة المكلفة بانفاذ القانون" واظهرت " بأن ممارسة التعذيب هي ممارسة ممنهجة في لبنان".
خطوات خجولة:
تعهدت الحكومة اللبنانية بالعمل لتنفيذ التوصيات وقامت بما يلي:
"انشاء قسم حقوق الانسان في وحدة المفتشية العامة لقوى الامن الداخلي في وزارة الداخلية سنة 2008 وانشاء لجنة للتحقيق من حالات التعذيب سنة 2010 واصدار مدونة قواعد السلوك عناصر قوى الامن الداخلي سنة 2012 واستقبال اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب(SPT) 2010 واستقبال لجنة مناهضة التعذيب (CAT) العام 2013، والاعلان عن الخطة الوطنية لحقوق الانسان في العام 2012 وتقديم بعض المشاريع عن التعذيب والمفقودين الى المجلس النيابي" الا ان هذه الخطوات مع اهميتها بقيت خجولة محدودة النتائج، فلم تبصر التوصيات النور وتبرير الحكومة، غياب الاستقرار السياسي والامني، والحرب الارهابية والنزوح السوري الخ
نحن لاننكر ان لبنان يمر بظروف صعبة ويواجه حربا ارهابية وطوفان النزوح السوري، الا ان هذه الظروف الصعبة يجب ان تكون حافزا لتعزيز حالة حقوق الانسان والوفاء بما تعهد به لبنان امام مجلس حقوق الانسان وليس العكس.
السجون واستمرار التعذيب:
اذ نشهد تراجعا في حالة حقوق الانسان واستمرار التعذيب في السجون، ففي اجتماع دعت اليه مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان مكتب بيروت بتاريخ 22/10/2014 لمناقشة تقرير لجنة مناهضة التعذيب
عن زيارتها الى لبنان بحضور ممثلي الاجهزة الامنية اللبنانية وممثلي وزارات وبعض منظمات المجتمع المدني كشف العميد انطوان بستاني المفتش العام في وزارة الداخلية بأنه تلقى 68 شكوى عن التعذيب في العام 2014 كما ان ما قام وزير الداخلية نهاد المشنوق باستعادة سجن رومية من خلال عملية امنية بتاريخ 12/1/2015 تأكيد قاطع على ماذهبت اليه لجنة مناهضة التعذيب في تقريرها عن اوضاع السجون لبنان والذي رفضه لبنان واعتبره جائرا وغير موضوعي.
ان عملية 12/1/2015 في مبنى"ب" في سجن رومية كشفت التقصير الرسمي الذي حول سجن رومية الى مرتع للارهاب والعنف والتعذيب والتمييز، فبنى بعض المساجين امارة في السجن.
فبتاريخ 25 أيلول 2014 قتل تحت التعذيب السجين محمد العرب بعد تعذيبه على ايدي مساجين متطرفين شنقا وفي 26 كانون الثاني 2014 تم شنق السجين غسان القندقلي في سجن رومية بعد تعذيبه، وجرت عدة محاولات للهروب في السجن.
ان الدولة العاجزة هي المسؤولة عن امن المساجين وحمايتهم وهذا ما لم تستطع تحقيقه الحكومة اللبنانية وفي دراسة عامة لاوضاع السجون في لبنان ووفق احصاءات وزارة العدل بدا ان السجون مكتظة، والاكتظاظ تخطى الخطوط الحمر. فقد بلغ عدد السجناء حتى 12/1/2015 ثمانية آلاف سجين" تصريح لوزير الداخلية نهاد المشنوق بعد العملية الامنية في سجن رومية " 60% غير محكومين ويتوزعون كالتالي: 977 سوري(18%) و 496 فلسطيني(9.23%) و 456 من جنسيات مختلفة اي ان نسبة غير اللبنانيين حوالي 40% وهناك 57 محكومية بالاعدام.
احداث صيدا ووفاة البيومي:
وبتاريخ 24/6/2014 شهدت مدينة صيدا وعلى مدى يومين اشتباكات بين الجيش اللبناني وانصار الشيخ احمد الاسير ادى الى سقوط شهداء وتوقيف 110 اشخاص، 34 لبنانيا،58 سوريا،13 فلسطينيا و 5 من الجنسية البنغلاديشية وقد توفي نادر البيومي الذي قضى تحت التعذيب بعد تسليم نفسه للجيش اللبناني، وابلغ انه تم توقيف ضابطين للتحقيق في وفاة البيومي.
فتوصيات الاستعراض الدوري الشامل لمعالجة اوضاع السجون وانشاء الالية الوقائية لمنع التعذيب لم تنفذها الحكومة اللبنانية ونستطيع القول ان الخطوة الايجابية الوحيدة هي استعادة مبنى"ب" في سجن رومية وهي خطوة اذا لم تترافق مع تسريع المحاكمات وتحسين اوضاع السجون تبقى مجرد خطوة اعلامية.
ان اكتظاظ السجون بات ينذر بانفجار خطير اذا لم تبادر الحكومة اللبنانية الى اعلان حالة طوارىء قضائية ومعالجة الاوضاع الصحية والاجتماعية.
ضحايا الاختفاء القسري:
لم تلتزم الحكومة اللبنانية بتعهداتها بانشاء هيئة وطنية للتحقيق بمصير المفقودين وانشاء بنك د.ن.أ ولاصادقت على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري، ومازال مرسوم المفقودين في ادراج مجلس الوزراء.
ونشير الى ان ملف المفقودين في لبنان يتضمن المفقودين في لبنان والثاني المفقودين في اسرائيل والثالث المفقودين في سوريا والرابع في ليبيا المتعلق بملف الامام موسى الصدر ورفيقيه.
وانعكاسا للاحداث في سوريا فقد تصاعدت عمليات الاختفاء القسري، ففي 24 أيار 2011 اختطف شبلي العيسمي من عاليه وهو نائب سابق للرئيس السوري وحتى اللحظة مصيره مازال مجهولا كما انه بتاريخ 22/5/2012 تم اختطاف 11 مواطنا لبنانيا كانوا متوجهين لزيارة الاماكن المقدسة في سوريا وبعد وساطات عديدة تم الافراج عنهم بتاريخ 25 آب 2013 وهم بحالة صحية ونفسية بالغة الخطورة.
وبتاريخ 2 آب 2014 خطفت الجماعات المسلحة"داعش" و"جبهة النصرة" 22 عسكريا من الجيش اللبناني في وادي عرسال وقد اعدمت المنظمتان 4 جنود لبنانيين ذبحا او رميا بالرصاص، ومازالوا رهائن تستخدمهم الجماعات الخاطفة اداة ابتزاز ضد الحكومة اللبنانية وتعاني عائلاتهم من ظروف نفسية واجتماعية صعبة.
الخلاصة والتوصيات:
نعتقد ان الحكومة اللبنانية ورغم اقرارها بتوصيات UPR واعداد بعض المشاريع لمكافحة التعذيب الا انها فشلت للاسباب التالية:
1- لم تنشئ جهازا رسميا او الية عملية لمتابعة التوصيات وتقديم التقارير.
2- لم تضع رزنامة زمنية للتنفيذ.
3- لم تنظم حوارا جديا مع هيئات المجتمع المدني سواء اثناء اعداد التقرير الوطني الاول العام 2010 او التقرير الوطني الثاني العام 2015 وهي بهذا تخالف معايير الاستعراض الدوري الشامل.
فالتقارير الوطنية للحكومة اللبنانية اعدت بمعزل عن اصحاب المصلحة ولا نعتقد ان الحوار الفاكسي هو الحوار الوطني المطلوب.
صحيح ان لبنان يواجه تحديات بالغة الصعوبة تحول احيانا دون الوفاء بتعهداته ، ولكن لايمكن الاقتناع بأن الظروف تجعل لبنان يتأخر 15 عاما او 19 عاما لتقديم التقارير الى الامم المتحدة!!!
وحتى لانضع اللوم كله على الحكومة اللبنانية، فان المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية ايضا بتركه لبنان وحيدا يتخبط في بحر النزوح السوري من دون مساعدة فعلية لمساعدة النازحين ولم تبادر الحكومات الاجنبية المختلفة طيلة الاربع سنوات الماضية لمساعدة لبنان على تنفيذ التوصيات الاساسية كما اننا كمجتمع مدني قصرنا في متابعة التوصيات مع الحكومات المتتالية ولم نجدول التوصيات في اطار ائتلاف وطني مدني متماسك.
نطالب الحكومة اللبنانية بما يلي:
على صعيد السجون:
• انشاء الالية الوطنية الوقائية لمنع التعذيب(OPCAT) وعدم دمجها بالخطة الوطنية لحقوق الانسان
• تعديل التشريعات الوطنية لمواءمة تعريف التعذيب في القوانين المحلية.
• تقديم التقرير الاولي والدوري الى لجنة مناهضة التعذيب بعد تأخر 15 عاما.
• اعلان حالة طوارىء قضائية ووضع حد للتوقيف الاحتياطي.
• تنفيذ المادة 14 من اتفاقية مناهضة التعذيب للتأهيل والتعويض على المساجين
• توثيق الادلة المادية والنفسية للتعذيب.
• انشاء آلية مستقلة لرفع الشكاوى.
• تحديد فترة زمنية لوضع السجون تحت اشراف وزارة العدل
• نشر تقرير الحكومة اللبنانية حول تقرير لجنة مناهضة التعذيب
حول قضية المفقودين:
• المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري(ICAED)
• اقرار مرسوم الهيئة الوطنية للتحقيق بمصير المفقودين كخطوة اولية نحو قانون عصري متطور.
• اعتبار عائلات المفقودين ضحايا تعذيب وشمولهم المادة 14 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
11/3/2015
مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب
|