تقرير زيارة اهالي العسكريين المخطوفين
اصبحنا مرضى نفسيين والمصيبة وحدتنا
اوفد مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب اخصائية اجتماعية لزيارة أهالي الجنود المخطوفين في عرسال من قبل الجماعات المسلحة، وذلك بهدف التضامن مع اعتصامهم في الخيم التي نصبوها في ساحة رياض الصلح، والوقوف عند الحالات النفسية التي يعانوها من جراء خطف أولادهم وأزواجهم.
التقينا بداية بأخ الجندي ن. ق وأخبرنا عن معاناتهم من البقاء في الخيم بسبب الأمطار التي تساقطت عليهم منذ ثلاثة أيام ودخلت إلى خيمهم، وهم الآن قلقون من حال الطقس حيث أننا مقبلون على فصل الشتاء، وعبّر عن المعاناة الحقيقية التي عانوها أثناء اعتصامهم في ضهر البيدر حيث البرد القارس، وأضاف أن دخان الدواليب التي اضطروا إلى إحراقها لقطع الطريق أدت إلى ثلاث حالات إغماء.
ثم التقينا بإبن أخت الجندي أ.ز، ح. ع الذي عبّر عن استيائه من وجودهم في الخيم وقال: "نحن صرنا مرضى نفسيين"، وأبناء الجنود الأطفال وأمهاتهم ونساؤهم قابعون في الشوارع طيلة الوقت، البعض ينام على الأرض، فالخيم السبعة لا تسع لأعداد المعتصمين، وأنهى حديثة بغضب قائلاً: " بالرغم من كل شي صابرين ومش فالين من هون لناخدن معنا".
وعلى رصيف الشارع تجلس امرأة تنظر إلينا بعينين دامعتين وحزن عميق، سألناها من لديها في الأسر، فأجهشت بالبكاء وقالت: أنا أم الجندي ج. خ، وبعد أن هدأت قليلاً أخبرتنا أن جورج لديه ولدان وزوجته حامل في الشهر السابع، وبدأت تظهر على طفله مايكل الذي يبلغ من العمر خمس سنوات بعض الاضطرابات النفسية لأن الكبار لم يقدروا على إخفاء توترهم وحزنهم عن الصغار، والأطفال يتابعون الأحداث مع الكبار، فالطفل مايكل يسأل دائماً لماذا لم يرجع والده بعد، ويهرع إلى الشرفة كلما سمع صوت سيارة لعلّه يكون والده، وهو حزين طيلة الوقت، ووصفته جدته بالمنعزل الذليل.
قالت أم جورج: ما نعانيه هو "بهدلة"، بقينا 17 يوماً في ضهر البيدر، تحملنا الكثير من التعب والذل والبرد، وما زلنا نعاني من الجلوس في الشوارع والنوم في الخيم غير المجهزة، إذ ننام على فراش على الأرض
وغمرتنا المياه منذ ثلاثة أيام، وبالرغم من ذلك سأبقى حتى يرجع ابني. ثم عاودتها نوبة البكاء وقالت بصوت عال: " أنا ام بدي إبني يرجعلي، أنا محطمة نفسياً، بس تعتم الدنيا بصير متل المجنونة بفكر كيف ابني عايش، شو عم يعمل، عم ياكل؟ مريض؟ صار الو 80 يوم مخطوف ما عدت قادرة اتحمل".
أضافت أنه لم يتم التواصل معه طيلة فترة اختطافه باستثناء رسالة صوتية أرسلها على الواتس آب منذ 18 يوماً يطالب فيها الدولة بمفاوضات جدية.
في الخيمة الثانية حيث يوجد زوجة وإخوة الجندي ع. م، الذي يبلغ من العمر 35 سنة ولديه ولدان ( 5 و 7 سنوات)، حكت زوجته الحامل في شهرها التاسع، والتي تبدو منهكة من كثرة البكاء، عن وضع أطفالها النفسي، إذ إنهم لا يلعبان، لا يفرحان بشيء ، يبدو عليهما الحزن دائماً، ويحلمان بأبيهما، ويتهمانها بأنها تكذب عليهما توعدهما أنه سيرجع ولا يرجع.
الزوجة ز. ط تأتي إلى الخيمة صباحاً وتعود إلى بيتها ليلاً، وبعد رجوع أطفالها من المدرسة يبقيان عند جدتهما، وهي تعاني من مرض التهاب الكبد الذي نقلته لزوجها وعانى منه كثيرا، فقد قضى قبل اختطافه بشهرين، شهراً كاملاً في المستشفى يتعالج من مرضه، وعند اختطافه كان ما زال يتعالج، هذا وقد تلقوا تطمينات من الجهة الخاطفة أنهم يعطونه الدواء بشكل دائم. وأنهم لن يقوموا بذبحهم.
ولهذا الإعتصام وجه آخر عبّر عنه المعتصمون بإيجابية، فهناك سبعة خيم منصوبة مقابل الحكومة والبرلمان تعج بأهالي وأقارب الجنود المخطوفين، توحدت الطوائف في هذه الخيم، وبالإضافة إلى الحزن العميق والبكاء معظم الوقت، فهم ورغم المعاناة النفسية يجتمعون، يسهرون، يشربون القهوة والشاي ويسلقون البطاطا ليأكلون.
" المصيبة وحّدتنا "، هذا ما قاله أخ ع. م.
15/10/2013 مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب
|